top of page
  • Writer's pictureTamer Labib

في براثن الشهوة (دانيال ١٣)

في زمن توحشت فيه الشهوات وسيطرت على قلوب وعقول الكثيرين، وجب التأمل في مساراها وإلى اين تقود الإنسان.


١- التسليم: "وأسلما عقولهما إلى الفساد" مهما كانت الاسباب والبدايات، الشهوة لا سلطان لها على من يرفضها ولا يبتغيها. لكن الإنسان هو من يسلم لها عقله بكل إرادته. فالبداية دائما تكون بالعقل، هل هو الشغف بما هو ليس معلوم للإنسان؟ ام يا ترى الهروب من الضغوط؟ ام الاقتناع بان الكثيرين يستمتعون "ظاهريا" بشيء، فلماذا احرم نفسي؟ ام كل هذه الاسباب مجتمعين؟ - الإنسان يحاور عقله ويقنعه بان التجربة لا خطر منها.


٢- وجع القلب: "كلاهما مثقوب في القلب من أجلها، لكنهما لم يخبرا بعضهما البعض بألمهما"

ولكن الشهوة لا ترحم، فمن اول تجربة ووجع القلب يصبح ملازمًا للإنسان كظله! فمن ناحية، ضمير الإنسان يوجعه في قلبه بسبب ما يفعل وبسبب بعده وانشغاله عن دوره ورسالته" وصرفا أعينهما لئلا ينظرا إلى السماء فيذكرا الأحكام العادلة " ومن ناحية اخرى الشهوة نفسها توجع القلب رغبة في تتميمها، وبين هذا وذاك يمزق قلب الإنسان ويحيا في آلم لا يهدأ.


٣- الأسر وانحلال الإرادة: "وإن أحدهما قال للآخر لننصرف إلى بيوتنا فإنها ساعة الغداء. فخرجا وتفارقا. ثم انقلبا ورجعا إلى الموضع ذاته!" وبمرور الوقت يصبح الإنسان أسير للشهوة، يبتعد قليلا، أو يذهب بعيدا، ولكن كأسير مقاد بحبل لا يراه الا الإنسان نفسه، يرجع مرة اخرى إلى الموضع! يريد الشهوة حتى ولو كان يكرهها، يصبح الإنسان مشقوقاً إلى نصفين بين ما يشتهيه وما يريده!


٤- عدم الاكتفاء: "هكذا كنتما تصنعان مع بنات إسرائيل وكن يحدثنكما مخافة منكما" ويصير الإنسان كشبح يأكل بلا شبع ويشرب بلا ارتواء! فالشهوة لا تعرف الكفاية، فما ابتدأ كتصرف واحد في الاسبوع، أصبح كل يوم، وما كان كل يوم أصبح مرات كثيرة في اليوم! فسوسنة في قصة الشيخين لم تكن الاولى، وبالقطع لم تكن لتكون الاخيرة، فلماذا إذن التصميم عليها هي بالذات! هكذا تفعل الشهوة بالإنسان، لا تجعله يكتفى بما هو متاح.


٥- انتشار الفساد: "بقضائك أقضية ظلم وحكمك على الأبرياء وإطلاقك للمجرمين، وقد قال الله البريء والزكي لا تقتلهما"ومخطئا يظن الإنسان ان الشهوة محصورة في عمل معين في حياته، فالفساد مثل السرطان، يبدأ في عضو ولا يتوقف حتى ينتشر في كل الجسد! فمن بدأ بالتدخين، يمر بالمخدرات، ومن ذاق المخدرات، يستسلم للسرقة او الرشوة، إلخ! بل ويتجاسر الإنسان في التباهي بشهواته "فسأل بعضهما بعضا عن سبب رجوعه، فاعترفا بهواهما"


٦- الغرور وغياب الحكمة: "وإلا فنشهد عليك أنه كان معك شاب ولذلك صرفت الجاريتين عنك" وبانتشار الفساد تختفي الحكمة من حياة الإنسان، فحتى في أمور الشهوة تجده يندفع بغرور لتنفيذ شهواته بدون حتى ان يخطط لها. ففي قصة الشيخين، لم يعبئا حتى بالاتفاق على رواية واحدة، بل بغرور وفجر ظنا انه لا يمكن محاسبتهما من اي أحد!


٧- الموت!: "فقال دانيال: «لقد صوبت كذبك على رأسك، فملاك الله قد أمر من لدن الله بأن يشقك شطرين»" وأيا كان المسار وأيا كانت الشهوة، فالنتيجة واحدة. إن لم يتوب الإنسان فهناك إله لا ينام "أيها الإله الأزلي البصير بالخفايا، العالم بكل شيء قبل أن يكون." وهو إن صبر حتى يفيق الإنسان ويرجع بالتوبة، فهذا ليس معناه رضاءه عما يفعله، وهو عالم بحياة كل إنسان قبل ان تكون، وإذا استنزف الإنسان كل فرص التوبة: "وأنت أيضا قد صوبت كذبك على رأسك، فملاك الله واقف وبيده سيف ليقطعك شطرين حتى يهلككما"

7 views
bottom of page